في عمر السنتين، يتحول الطفل من مخلوق صغير لا يعتمد إلا على أحضان والديه إلى كائن صغير ذات إرادة قوية، ورغبة لا تُقهر في الاستقلال والاستكشاف والتجربة، كثير من السلوكيات التي قد تبدو تافهة أو مزعجة ولكن جميعها لها إشارات متعددة، فمن خلال سلوك الاطفال عمر سنتين تُحدد ما هو الطبيعي وما يستدعي القلق، في السطور التالية سنفُك الشيفرة تفصيليًا.
سلوك الاطفال عمر سنتين
العام الثاني من عمر الطفل هو أكثر المراحل حرجًا في مسيرة تطوره النفسي والسلوكي، ففيه تبدأ ملامح الشخصية في التجلي، وتتفتح مدارك الطفل على العالم المحيط به، ويكون سلوك الاطفال عمر سنتين عامةً كالآتي:
- الرغبة في الاستقلال: في هذا العمر يبدأ الطفل في الاعتراض كثيرًا حتى وإن لم يفهم تمامًا ما يرفضه، فتلك المقاومة ليست عنادًا مقصودًا، بل محاولة لإثبات الذات وتجربة حدود السلطة.
- نوبات الغضب: إنه أمر شائع فهذه المرحلة، قد تحدث عندما يُمنع الطفل من شيء يريده أو يشعر بالإحباط، أو لا يجد الكلمات للتعبير عن نفسه، جميعها نوبات طبيعية وتقل تدريجيًا مع تطور مهارات اللغة والضبط الذاتي.
- التفاعل الاجتماعي: الطفل في هذه المرحلة يُحب تقليد الكبار كثيرًا، ويبدأ في التفاعل مع الأطفال الآخرين، وإن كان اللعب لا يزال متوازيًا أكثر من كونه تفاعليًا، هذا يعكس نمو المهارات الاجتماعية والإدراكية.
- الفضول والاستكشاف: مثل فتح الأدراج، أو تسلق الأثاث، أو سكب الأشياء، هذا السلوك جزء مهم من التعلم، رغم إزعاجه للأهل إلا أنه مؤشر نمو صحي في حب الاستطلاع والتفكير التجريبي.
ما هو الطبيعي في سلوك الاطفال عمر سنتين؟
في قلب كل أب وأم تنبع أسئلة كثيرة مع بداية العام الثانية لطفلهما، تصرفات كثيرة تصدر قد تزرع القلق في قلب الأهل، فما هو الطبيعي في سلوك الاطفال عمر سنتين ولا يستدعي القلق؟
- رفض الطعام أو الحليب: أحيانًا طبيعي أن يرفض طفلك الطعام نتيجة تقلص احتياجات الجسم الغذائية بعد السنة الأولى.
- الارتباط المفرط بالأهل: في هذا السن يمكن أن يمر الطفل بفترات من التعلق الشديد، وهذا جزء طبيعي من تطور العلاقات العاطفية.
- الضرب أو العض: قد يُعبّر الطفل عن مشاعره الجارفة بتلك الطريقة عندما لا يكون مالكًا للغة كافية، لا سيما في مواقف اللعب أو التنافس.
- التحدث بكلمات غير مفهومة: لا تزال المهارات اللغوية في طور التكوين، لذا طبيعي جدًا أن يحتوي كلام الطفل على لغة خاصة به هو.
متى يبدأ القلق من سلوك الاطفال عمر سنتين؟
في خضم الفوضى اليومية لسلوك الطفل في عمر عامين، قد يصعب على الأهل أحيانًا التفرقة بين ما هو طبيعي وما يستدعي القلق، وهذا ما نوضحه فيما يلي:
- تأخر الكلام: إن لم ينطق الطفل بكلمتين واضحتين على الأقل عندما يكون بعمر عامين، أو لا يستخدم إيماءات الإشارة أو التلويح، فهذا يدل على التأخر اللغوي.
- عدم الاستجابة: إذا لم يلتفت الطفل أو يستجيب لاسمه يمكن أن يكون هذا علامة على مشكلة في السمع أو في بعض الحالات من علامات اضطرابات مثل التوحد.
- الانسحاب الاجتماعي: الطفل إذا تجنب التواصل البصري، ولا يظهر اهتمامًا بالآخرين، أو لا يحاول التفاعل، فهذا يستدعي تقييمًا متخصصًا.
- نوبات غضب مفرطة: رغم أن النوبات طبيعية، إلا أن تكرارها بشكل عنيف ومطوّل مع صعوبة تهدئة الطفل قد يشير لمشكلة في التنظيم العاطفي.
- عدم القدرة على المشي: في حال لم يتمكن الطفل من المشي بثبات، أو كان لديه مشكلة واضحة في تنسيق حركات اليد أو اللعب، فهذا يعني تأخر في النمو الحركي.
كيفية التعامل مع سلوك الاطفال عمر سنتين
التعامل مع سلوك الاطفال عمر سنتين قد يكون من أكبر التحديات التي يواجهها الآباء؛ لأنها مرحلة استكشاف النفس والتجربة والتعبير عن المشاعر بما هو غير مألوف، لكن من الصحيح أن يتم التعامل مع سائر السلوكيات بمراعاة ما يلي:
- التفهم لا العقاب: يجب أن تتفهم أن الطفل لا يتعمد السلوكيات المزعجة، بل يعبر عن مشاعره أو فضوله بطريقة لم تُصقل بعد.
- تحديد حدود واضحة: يحتاج الطفل لحدود واضحة وثابتة، لكنها لا تكون قمعية، فالتوجيه الإيجابي أفضل من التهديد.
- الروتين اليومي: الأطفال في هذا السن يزدهرون في بيئة مستقرة ومتوقعة، والروتين اليومي يساعد على تقليل التوتر ونوبات الغضب.
- تعزيز اللغة: التحدث المستمر مع الطفل، قراءة القصص، والإجابة على أسئلته بلغة بسيطة، كلها وسائل فعالة لتطوير اللغة والتواصل.
- اللعب المشترك: إن اللعب هو اللغة الأولى للطفل، فمن خلاله يتعلم القواعد الاجتماعية، ويطوّر مهاراته الحركية والمعرفية.
نهايةً.. إن طفلك في عمر السنتين يعيش مرحلة مهمة من التكوين النفسي والعصبي والاجتماعي، وبينما يتجلى على السطح بعض السلوكيات التي قد تُثير القلق، فالفهم العميق لمراحل النمو والتعامل الواعي والحنون معه يمكن أن يصنع فارقًا هائلًا في مستقبله.
اقرأ أيضًا: